شعار ميازين - Miazeen Logo

عقوبة الابتزاز في القانون السعودي وكيف تختلف باختلاف نوعه؟

عقوبة الابتزاز في القانون السعودي وكيف تختلف باختلاف نوعه؟

مئات الرسائل عن عقوبة الابتزاز تصلني عبر بريديَ الإلكترونيّ شهريًا، وذلك بصفتي محامٍ جزائيّ متخصص بالجرائم الإلكترونية. أستطيع الشعورَ بمدى خوفِ المرسلين أثناء السؤال، غالبًا ما يستخدمون معرّفاتٍ وهمية أنشأت للتو تتألف من رموز وأحرف لا تُظهر اسمهم أو نسبهم.

إحدى تلك الرسائل كانت من شابة خائفة. تطلب النجدة والمساعدة مني على الفور بعد تعرّضها لتهديد بنشر صورها إن لم تخرج مع الجاني بعد الجامعة لمنزله. وبفضل الله تم التبليغ عنه وخلال أقل من ساعة قبض عليه من قبل الجهات المختصّة.

هذا ما شاركَه أحد المحامين عبرَ حسابه الشخصيّ عن تجربةِ إحدى موكّلاته “الناجيات” من جريمة ابتزاز إلكترونيّ. ولأن التوعية القانونية ركيزة أساسية للوقاية من الابتزاز والتخلّص منه بأقل خسائر ممكنة. نشارك معكم عقوبتَه باعتبارها من أكثر النقاط التي يُستفسر عنها.

ما هي عقوبة الابتزاز؟

استنادًا للمادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية فإن عقوبة الابتزاز في السعودية هي:

السجن لمدةٍ لا تزيد عن سنة، وغرامة مالية لا تزيد عن خمسمئة ألف ريال سعودي، أو بإحدى هتين العقوبتين، حسب حجم الضرر الناجم عن فعل الجاني

المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية

لا تقتصرُ معرفةُ العقوبة بالجناة والمجني عليهم فحسب. فجرائم الابتزاز متزايدة مما يستدعي ضرورة الوقاية منها قبل وقوعها حتى، ومعرفة كيفيّة مواجهتها في حال التعرض لها. ويمكن تشبيه ذلك باللقاح الذي نأخذه ضد الأمراض المعدية للوقاية منها بالدرجة الأولى، ولتخفيف حدّة الأعراض للحد الأدنى إذ ما أصبنا بها.

عقوبة الابتزاز الإلكتروني

تتخذُ جرائم الابتزاز الإلكترونيّ أشكالًا متعددة. لكنّ معظم الجناةِ يسلكون درب الابتزاز المادي أو الجنسي في جرائمهم وذلك بتهديد الضحايا بنشر مواد مسجلة مثل صور، مقاطع فيديو أو محادثات ومكالمات.

إلّا أن عقوبة الابتزاز في السعودية واحدة لجميع جرائم، إنما يكمن الاختلاف بدرجتها. أي يمكن أن تزيد أو تنقص مدّة الإيقاف وذلك بالنسبة لمقدار الغرامة أيضًا، بحسب تقدير القاضي لحجم الضرر الناجم عن فعل الجاني الذي أصاب المجني عليه. وبهذا تكون عقوبة الابتزاز الإلكتروني:

السجن لمدةٍ لا تزيد عن سنة، وغرامة مالية لا تزيد عن خمسمئة ألف ريال سعودي، أو بإحدى هتين العقوبتين، حسب حجم الضرر الناجم عن فعل الجاني

ماذا عن الابتزاز بالصور

إن الابتزاز بالصور من اكثر الطرق التي يُهدد بها الجناة ضحاياهُم والتي تعد ابتزازاً إلكترونياً. والجدير بالذكر أنه لا يشترط نشرُ الصور من قبل الجاني حتى تتم معاقَبَتُه، إنما يُكتفى الإثبات بحيازتها من قبله فقط. كما يمكن أن يحوز الجاني على الصور جرّاء اختراق هاتف الضحية أو برضا كامل منها. في الحالتين تتحقّق أركان الجريمة ويستحق الجاني عقوبة الابتزاز بالصور، ألا وهي:

السجن لمدةٍ لا تزيد عن سنة، وبغرامة مالية لا تزيد عن خمسمئة ألف ريال سعودي، أو بإحدى هتين العقوبتين، حسب حجم الضرر الناجم عن فعل الجاني

يرجعُ تحديد مدة إيقاف الجاني ومقدار الغرامة إلى تقدير القاضي وذلك مرتبط بالضرر الذي أصاب المجني عليه. نذكر لكم قضيّةً هدّد فيها الجاني شابةً معه في الجامعة. لكنّها سارعت وبلّغت عنه مما قلل حجم الضرر الواقع عليها، وبناءً على ذلك تضمّن حكمُ القاضي:

  • مصادرة جميع أجهزة الجاني الإلكترونية.
  • سجنُه لمدة سنة تبدأ من تاريخ إيقافه على ذمّة التحقيق.
  • تغريمُه بمبلغٍ ماليٍّ قدرُه عشرة آلاف ريال سعودي.
  • جلدُه خمسين جلدة أمام جامعة الفتاة التي كان يبتزّها.

وأخيرًا، سواء أكان الضحية ذكرًا أم أنثى، وايًا كان نوع ودرجة التهديد، فإن عليه اللجوء المباشر للتبليغ عن جريمة الابتزاز. باتّباعِ إحدى الإجراءات التي أتاحتها وزارة الداخلية، وهي التوجه التبليغ عن طريق أقرب مركز شرطة، تطبيق كلّنا أمن، موقع أبشر، أو الاتصال المباشر بالرقم الموحد للإبتزاز 1909 التابع لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الحق العام

يسألُ أحدُ الأشخاص عن سقوط الحق العام في الابتزاز.. قائلًا:

عندي سؤال بخصوص شخص موقوف بقضيّة ابتزاز، تنازل المجني عليه عن حقّه الخاص بعد تراضٍ بين الأسرتين وتعويضه بمبلغٍ من المال، والآن أحيلت الدعوى للقضاء الجزائي.. فهل ممكن أن تسقط عقوبة الابتزاز في الحق العام بعد تنازله عن حقه الخاص؟

سؤال توضيحي

تقلق جريمةٌ الابتزاز المجتمع بأكمله، فآثارها لا تقتصر على المجني عليه فحسب، إنّما تعكّر صفو الأمانِ الذي تسعى الحكومةُ جاهدةً لحمايته.. وتؤدي لنزع الاستقرار زارعةً الخوفَ مكانه.

ومن هنا يتجلّى أمامنا عقوبة الحق العام في الابتزاز، وهو حقّ المجتمع الذي تقتصّه الدولة من الجاني نيابةً عن المجتمعِ بأكمله، لتحاسبَ المجرم الذي هدم القوانين وتسبب بضررٍ ذي شقّين ، مصيبًا المجني عليه والمجتمع كاملًا.

في هذه التدوينة، سنجيب على تساؤل “سقوط الحقّ العام في الابتزاز” مشيرينَ بشكل موجز إلى الفرق بين الحق العام والحق الخاص من نواحٍ عدة.

الحق العام في عقوبة الابتزاز

جريمة الابتزاز، واحدة من جرائم الحقّ العام.. أي أنها لا تلحق الضرر بالمجني فحسب عليه إنما بكامل المجتمع.. وذلك لما ينتج عنها من عواقب وآثار.

لنفترض أن أحد الأشخاص تعرض لجريمة ابتزاز إلكترونيّ.. وسرعان ما جمع الأدلة التي ستدين الجاني.. وتوجّه للتبليغ مباشرة.. وبالفعل تسلّمت الشرطة تبليغه متأكدةً من الدلائل وأحالته للنيابة العامة التي وجّهت للجاني تهمة جريمة الابتزاز.

إلّا أنّ المجني عليه.. قرّر أن يتنازل عن حقّه الخاص بالتعويض.. ففي هذه الحالة، هل يسقط الحق العام في قضايا الابتزاز؟.. وهل سينال الجاني عقوبَته المنصوص عليها قانونًا بعد سقوط الحقّ الخاص؟

الجواب باختصار.. لا يسقط الحق العام بسقوط الحقّ الخاص … إذ يبقى قائمًا حتى لو تنازل المجني عليه عن حقّه الخاص في التعويض، لكن ما السبب؟

لأنّه حتّى لو تنازل المجني عليه عن حقّه الخاص.. يبقى حقّ المجتمع (الحق العام) قائمًا تطالب به النيابة العامة.. فهو ليس مسألة شخصية تتعلق بالضحية أو بعائلته فحسب.. إنما هو خطر محدق على المجتمع بمن فيه من مواطنين ومقيمين.

وغيابهُ سوف يخلق تهاونًا عند المجرمين في ارتكابهم لجرائمهم الجزائية الخطرة.. كالاغتصاب، الابتزاز، القتل، قطع الطريق وغيرها الكثير من الجرائم التي يتولّد عنها الحق العام.

ولأنّ كل قاعدة تخضع لاستثناءات.. هنالك حالات منصوص عليها قانونًا يسقط بها الحق العام.. ألا وهي:

  • وفاةُ الجاني.
  • صدور عفو عام.
  • التقادم.. أي بمرور خمسة عشر عامًا من تاريخ صدور الحكم على الجاني..

هل تسقط عقوبة الابتزاز في الحق العام؟

هنا.. لابدّ من الإشارة لمحاورَ عدةً للإجابة التفصيلية عن هذا التساؤل.. أبرزها بيان الفرق بين الحق العام والخاص.. حيث ستصبح الإجابة وافية بإذن الله.

يتجلّى الفرق بين الحقّ العام والحقّ الخاص من حيث:

أولًا: الطرف الذي يطالب بالحق: حيث تطالب النيابة العامة ممثلةً عن المجتمع بالحق العام، بينما يطالب صاحب الحق الخاص نفسه بالحق الخاص.

ثانيًا: المراحل التي تمرّ بها الدعوى: تمرّ دعوى الحقّ العام بثلاث مراحل تبدأ من الشرطة أو مراكز المكافحة.. مرورًا بالنيابة العامة وتنتهي عند القضاء الجزائي.. على عكس دعوى الحقّ الخاص التي يتوجه صاحبها مباشرةً للقضاء المختص بدون المرور بالمرحلتين السابقتين.

إضافةً لذلك.. فإن جرائم الحقّ العام تمسّ مباشرةً بالمجتمع بأكمله.. أما جرائم الحق الخاص فهي لا تمسّ إلا بصاحب الحق، إليكم مثالين للتوضيح..

يظهر الحق العام في الابتزاز لأن الجريمة أدت لخرق الأمن الذي تعنى الدولة بالمحافظة عليه.. لذلك تتتمثل النيابة العامة بحمايته وتطالب الجاني بالحق العام.

أما دينُ أحد الأفراد على الآخر.. فلن يمسّ بالمجتمع بشكل مباشر.. لذلك لا داعي لأن تتدخل النيابة العامة ممثلة عن الشعب بالمطالبة به.. يكفي أن يطالب به صاحبه أمام القضاء المختصّ.

مما سبق.. نرى أنه لا يجوز سقوط الحقّ العام حتى لو تنازل المجني عليه عن حقّه الخاص.. إلا بالاستثناءات التي استعرضناها لكم أعلاه.

Avatar for Reem Haj Ali

Reem Haj Ali

كاتبة محتوى قانوني، أجمع بين مهارتي في الكتابة الإبداعيّة، وشغفي وتخصَصي في القانون، لأصيغ محتوى قانوني توعوي موثوق، مُبتكر ومبسّط للشركات والأفراد، في المجالات العمالية، الجنائية وغيرها، بخبرة 3 سنوات.

شارك

الثقافة القانونية في متناول الجميع

تصفّح الدليل المجاني لإجراءات القضايا
مبادرة تثقيفية لكتابة مقالات تشرح خطوات القضايا والاجراءات القانونية في السعودية

إخلاء مسؤولية:

جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.

كل الحقوق محفوظة © 2023 - منصة ميازين

  • تابعنا على