ما إن يفكّر أحدهم بتحريرِ سند لأمر أو يقدم على ذلك، حتى يبدأ في التساؤل حول مدة صلاحية السند لأمر، وبالتالي تبدأ رحلة البحثَ عن إجابات وافيةٍ، ولكي نوصل لكم الإجاباتِ بواقعيّةٍ وبعيدًا عن الأحكام الجافّة، كان لابدّ أن نشارك معكم -نقلًا عن أحد المحامين- إحدى الدعاوى التي عرضت عليه بخصوص مدة صلاحية السند لأمر، حيث جاء في مضمون الدعوى:
أن شخصاً يملك شقة سكنية، قام بتأجيرها لأحد أصدقاءه، وفي نهاية عقد الآجار تبقى له في ذمة صديقه متأخرات سنتين ونصف، وضماناً لهذه المتأخرات تم تحرير سند لأمر لكي يضمن حقه ويطمئن باله، وبعد مرور سبع سنوات، لجأ صاحب هذه الشقة إليّ يستنجد المحامي طالبًا مساعدته ومستفسرًا عن الصلاحيّة النظاميّة للسند.
يجيبُ المحامي، قائلًا:
لكلّ التزام مدة زمنية معينة، بمرورِها ينقضي وتنتهي حياتُه قانونيًا، إذ لا يمكن أن يبقى الالتزام ماثل وموجود إلى ما لا نهاية، والسند لأمر كأي التزام تجاري، له حياة (مدة صلاحية) تبدأ عند تحريرِه وتنتهي بعد مرور مدة زمنية محدّدة بموجب نظام الأوراق التجاريّة.
في تدوينتنا التالية نستعرض لكم مدة صلاحية السند لأمر: ما المراد منها؟ وما الآثار المترتبة على انقضائها.
بموجب مدة صلاحية السند لأمر، يتوجّه المستفيد مباشرةً لمحكمة التنفيذ طالبًا التنفيذ المباشر من مدينِه المتقاعس بالوفاء، دون الحاجةِ للجوء للمحاكم العاديّة (محاكم الموضوع) ولعل هذا هو العلامة الفارقة التي يتميّز بها السند لأمر عن أيّ سندٍ آخر.
وبالنظر إلى تاريخ استحقاق (الوفاء)، نرى أن مدة صلاحيته تكون على صورتين:
الصورة الأولى: نجدُ فيها تاريخًا محددًا ومعينًا تعييناً دقيقاً، هنا تكون الصلاحيّة ثلاث سنوات تبدأ من هذا التاريخ.
》فإذا كان تاريخ استحقاق السند ١٠/ ٧/ ١٤٤٠
》فإن مدة صلاحيته تبقى سارية لتاريخ ١٠/ ٧/ ١٤٤٣
الصورة الثانية: أما في هذه الحالة لن نجد تاريخًا محدّدًا، إنما سيكون السند مستحقًا للوفاء عند الاطلاع، فتكون صلاحيّته أربع سنوات.
》فإذا تم إنشاء سند لأمر مستحق الأداء لدى الاطلاع بتاريخ ١٥/ ٢/ ١٤٤١
》فالدائن ملزم بعرض السند حتى تاريخ ١٥/ ٢/ ١٤٤٢
》ومدة صلاحيته تبقى سارية لتاريخ ١٥/ ٢/ ١٤٤٥
وهدف المشرّع من تفريد صورَتين من صور الصلاحية لم يوجّه لحماية مصالح المستفيد (الدائن) فحسب، بل أراد أن يوازن بين مصلحة الطرفين معاً ، تتمثل حمايتُه هذه من خلال جملةٍ من الضمانات تطمئِن الطرفين على حدّ سواء.
لكن، ماذا لو انتهت هذه المدة؟ ماهي النتائج المترتبة على ذلك؟
بعد انقضاء مدة صلاحية السند لأمر، هل يفقد المستفيد حقه؟ هل باستطاعته مطالبة محرر السند بالوفاء؟ وماذا عن قوّة السند التي أشرنا لها أعلاه، هل تبقى قائمة؟
استنادًا لأحكام المادة (84) من نظام الأوراق التجاريّة، يفقد السند قوته التجاريّة بانقضاء صلاحيّته القانونيّة سواءً أكانت مرتبطة بتاريخ محدّد أم كانت لدى الاطلاع، ويتحوّل إلى ورقة عادية ليس باستطاعة الدائن (المستفيد) اللجوء بموجبها إلى محكمة التنفيذ مباشرةً.
وبدلًا من ذلك تتولى المحكمة الموضوع النظر به، وبالتالي، انقضاء حياة السند لأمر لا تعني التوقف عن المطالبة به، إنما يقتصر ذلك عند قدرة الدائن مطالبةَ مدينه أما محكمة التنفيذ.
إذًا، يبقى للدائن عند تقدمه لمحكمة الموضوع المختصة، أن يقدم ورقة سند لأمر المنتهي صلاحيته كورقة إثبات عادية تزيد في حجيته بإثبات حقه بمواجهة المدين وتعزّز من قناعة القاضي.
للمزيد اقرأ مقالنا التفصيلي عن كل ماتريد معرفته عن السند لأمر حسب النظام السعودي
يمكنك الإطلاع على 20 منازعة تنفيذ بإمكانكم تقديمها للمحكمة (مع شرح وافٍ لكل نوع)
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.