يجهل بعض الأشخاص عقوبة التصوير بدون إذن، أو تغيب تمامًا عن أذهانهم الأنظمة والقوانين بمجرّد البدء بالتقاط الصور أو مقاطع الفيديو، حتى وإن كانوا على درايةٍ بالعقوبات. إذ قد تتحوّل صورةُ إحدى اللحظات العائلية الجميلة بمكان عام، إلى جريمةٍ يعاقب عليها القانون السعوديّ، في حال ظهر فيها أناسٌ أخرون (ضمن حالات معينة).
وحتى لا تكونوا عرضةً للمسائلة القانونية، دعونا نشارك معكم عقوبة التصوير بدون إذن، وأكثر حالات التصوير شيوعًا والتي يترتب عليها عقوبة، مشيرين إلى ضوابط وشروط التصوير بعيدًا عن اختراق حياة الآخرين الخاصة أو المساس بخصوصيّتهم وخرق النظام العام.
لاشكّ أن التصويرَ شغفٌ محبب للكثيرين، لكن مع الأسف فإن نسبةً لا يستهان بها من الناس تجهل عقوبة التصوير بدون إذن، حتى وإن كانوا لا يقصدون الإيذاء والإضرار بحياة الآخرين، فقد يعرّضهم التصوير بالأماكن العامة لعقوبات.
فما هي هذه العقوبات، وكيف يمكن أن نصوّر بدون أن نخرق الانظمة أو نتعرّض لخصوصيّة الآخرين، وما هي ضوابط التصوير في الأماكن العامة؟
استنادًا لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، يعدّ التصوير مجرّمًا إذ ما أدّى للمساس بالحياة الخاصّة للأفراد أو التعرّض للنظام العام، حيث عالج النظام مسألة التصوير من خلال المادتين الثالثة والسادسة منه، وبناءً على ذلك، تكون العقوبات بحسب نوع التصوير ومدى تأثيره على النظام العام أو الحياة الخاصة.
يعدّ التصوير بدون إذن جريمةً في حالتين، الأولى نصّت عليها المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، والثانية نصّت عليها المادة السادسة من نفس النظام، وهما:
مثلًا، كأن يلتقط أحد الأشخاص صورةً له أو مع أصدقائه..الخ، في مطعم أو مقهى..الخ، وينشرها على مواقع التواصل كما هي بدون تعديل أو لفضح الأشخاص الظاهرين معه أو استغابتهم ضمن التعليقات، فتكون العقوبة هنا:
يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن عام وبغرامة مالية لا تزيد عن 500 ألف ريال، أو بإحداهما، كلّ من أساء استخدام الهواتف النقالة أو مافي حكمها عن طريق الكاميرا، وتسبب المساس بحياة الآخرين الخاصة.
المادة (الثالثة)، الفقرة (الرابعة) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية
مثلًا، كأن يلتقط أحد الأشخاص صورةً في مطعم أو مقهى، يظهر فيها شخص لديه وزن زائد، فيقوم بتكبيير الصورة على هذا الشخص مضيفًا عبارت سخرية وتنمر ومن ثم نشرها وتداولها، فتكون العقوبة هنا:
يعاقب بالسجن لمدة لا تزيد عن خمسة أعوام، وبغرامة مالية لا تزيد عن ثلاث ملايين ريال أو بإحداهما، كلّ من أنتج ما من شأنه المساس بالنظام العام، القيم الدينية، الآداب العامة، حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه عن طريق الشبكة أو احد أجهزة الحاسب.
المادة (السادسة) الفقرة (الأولى) من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة.
أتاحت وزارة الداخلية مجموعةص من وسائل التبليغ، وهي:
بعد أن يبلّغ المتضرر للجهة الضابطة، تتأكد بدورها من الأدلة الموجودة لديه، ومن ثم تحيل الشكوى إلى النيابة العامة والتي بدورها توجه التهمة للجاني وتجرّم فعله، وأخيرًا يأتي دور القضاء، حيث ينظر القاضي بالدعوى ويقدّر حجم الضرر وبناء عليه يحكم بعقوبة مناسبة.
حدّدت وزارة التعليم بالتعاون مع وزارة الداخلية ضوابطَ التصوير داخل المدارس سواءً بالنسبة للطلبة أو المعلمين، لتشرّع عقوبة التصوير بدون إذن مستندةً لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة، وفقًا للمادتين الثالثة والسادسة.
تستند ضوابط التصوير داخل المدارس على المرسوم الملكي رقم (17) الصادر بتاريخ 8\3\1428، وهي:
تنقسم الأماكن العامة إلى قسمين، عالجهما ونظمهما نظام التصوير في الأماكن العامة ضمن أحكامه، فهنالك مناطق يمنع التصوير بها مثل بعض المطارات، الجهات الحكومية..الخ، في المقابل هنالك مناطق سمح التصوير بها.
ببساطة، عندما تجدوا لافتة “ممنوع التصوير” فاعلموا أن الأماكن من النوع الأول، وعندما لا تجدوها، يمكنكم التصوير لكن بحذر، فحتى لو كان مسموحًا، ينبغي عليكم الحذر عن تصوير أشخاص حتى وإن كان ذلك بحسن نيّة وبدون قصد.
وحتى لا تكونوا عرضة للمسائلة القانويّة، إذا كنتم في مكان عام مسموح به التصوير، عليكم أن تستأذنوا الأشخاص المحيطين بكم لكي يغيّروا أماكنهم أو أن يحتاطوا، أو عن طريق طمس وجوههم وإخفاء معالمهم.
لنفترض أن أحدًا ما صوّر حادثًا جنائيًا، مروريًا..الخ، فهل يعدّ فعله مجرمًا يلزم عقوبة التصوير بدون إذن؟
لنرجع إلى الوراء قليلًا، مسترجعين حادث المدينة، حيث صوّر أحد الأشخاص مقطع فيديو ونشره عبر مواقع التواصل، أظهر فيه صور المصابين والمتوفين، مبينًا الدماء وحجم الضرر، لم يستأذن من ذوي المصابين، بل أشهر كاميرة هاتفه المحمول وبدأ بالتصوير والنشر.
وبحسب المحامي احمد العتيبي، إن ما فعله جعله معرّضًا لسجن 5 سنوات وغرامية 3 ملايين ريال، وذلك استنادًا للمادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، في حال إقدام ذوي المصابين والمتوفين برفع دعوى ضدّه.
حتى أنه أكّد إمكانية استدعائه من قبل النيابة بدون أن يرفع عليه احد دعوى، وذلك بموجب الصلاحيات الممنوحة لها، للتحقيق معه ومن ثم إحالته للمحاكمة.
سواءً أكان التصوير بدون إذن في العمل، المنشآت الحكوميّة، المدارس أو في الحفلات والمقاهي، على الشخص ألا يسيء استخدام الكاميرا، فالأنظمة والقوانين تعاملت بكلّ حزم مع هذه الحالات، لضمان الحفاظ على خصوصيّة وحرّية الأفراد، والنظام العام.
فإمكانيّة التصوير في هاتفك الذكي تخوّل لك الاحتفاظ باللحظات الجميلة فحسب، وليس المساس بحياة الآخرين وأمانهم.
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.