يسأل أحدُ الاشخاصِ في تويتر مستفسرًا عن عقوبة القذف، قائلًا:
ماهي عقوبة القذف من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل يطبّق القاضي الحدّ الشرعي “ثمانين جلدة” ؟ أم يحكم بغرامة وسجن؟
للإجابة عن التساؤل، لابدّ لنا أن نوضّح متى يقع حدّ القذف الشرعي ومتى تقع العقوبة التعزيرية. إضافةً لذلك سوف نبيّن الحقّ الخاصّ في جرم القذف وحالات الحق العام. مشيرين إلى كيفية الشكوى على القاذف وشروط إقامة الحدّ الشرعيّ عليه.
وهو رمي الشخص بالعرض أو بالفاحشة بشكل مباشر. بكلّ ما يتعلق بـ : (الزنا، الشذوذ الجنسي والنفي من النسب)، كأن ينعتَ أحدٌ آخرًا -أعزّكم الله-: يا “زاني/ة”، يا “عاهر” أو ما يتعلّق “باللواط” أو “النفي من النسب”
أما ماعدى ذلك، فإنه يخرُج من دائرة ألفاظ القذف الصريح ويُعد سبّ وشتمًا (واللذين أفردنا لهما تدوينة مستقلة)، كأن يتلفظ أحدٌ على الآخر بما يسيء لشخصه أو صفاته أو أن يشبّهه بأحد أنواع الحيوانات، كقولِ أحدهم -أعزّكم الله-: يا “غبي، يا قرد، يا لئيم… الخ”
يعاقب القاذف بالحدّ الشرعي ألا وهو ثمانين جلدة، إذ ما توفّرت به شروط قيام الحدّ وما لم يأت القاذف بأربعة شهود. وتنطوي شروط إقامة الحدّ الشرعيّ في القذف الصريح على 3 أمور.
وهو تلفّظ الشخص بما يحمل معنى ألفاظ القذف التي ذكرناها إضافةً لمعنى آخر لا يحملها وهو الأقوى كقولِ أحدهم: “أنت لا تشبه أباك” أو “أشبّهك لجاركم”. يأتي هذا النوع ضمن حالتين:
ملاحظة: لا يُقصد بحدّ التعزير تخفيفَ العقوبةِ دائمًا، إنما ممكن تخفيفُا أو زيادتُها حسب تقدير القاضي.
لنفترض أن شخصًا ما تعرّض لرسائل قذفٍ عبر الخاص في أحد مواقع التواصل لاجتماعي، تتضمن ألفاظًا تطعنُ بعرضه أو شرفه. السؤال هنا: هل يظهر لدينا حقّ عام أم حقّ خاص أم كلاهما؟ كيف يتقدّم بشكوى؟ وما هي الجهة القضائية التي ستنظر بها؟
يتولّد عن هذه الجريمة حقّ خاص دائمًا إذا أتت بمفردها ، وبناء على ذلك ينظر بها أم المحكمة الجزائية مباشرةً باعتبارها حقوقًا خاصةً.وتكون آليّة الشكوى:
ملاحظة هامة جدًا: لا ينظر القاضي او النيابة العامة بدعوى القذف إلا بشرط أن يرفعها المقذوف، متقدمًا بطلب إقامة الحدّ الشرعي على القاذف أمام المحكمة الجزائيّة “ابتداءً”.
إذا أتت مع جريمة القذف جرائم أخرى معلوماتية كالتشهير والابتزاز على سبيل المثال او جرائم كالمضاربات وغيرها. عندئذٍ يمكن للنيابة العامة أن ترفع دعوى حقّ عام على القاذف إلى جانب دعوى الحقّ الخاص التي يرفعها المقذوف.
نذكر لكم هذا الحكم القضائي للتوضيح (بالنقل عن الحساب الرسمي لوزارة العدل على تويتر):
أرسل أحدُ الأشخاصِ رسائل قذفٍ وتشهير من بريده الإلكتروني لبريد المدّعي وآخرين، مما جعل المدّعي العام يرفع ضدّه دعوى “حق عام”.
مطالبًا بإثبات إدانته وبالحكم عليه بعقوبة القذف (الحدّ الشرعي). مضافًا إليها عقوبة التشهير الورادة بالفقرة الخامسة من المادة الثالثة في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيّة.
من جهته، أقرّ المدعى عليه بارتكابه جرم القذف بقصد الطعن بعرض من أرسل إليهم الرسائل. وبذلك ثبت الجرم وحكم عليه القاضي بثمانين جلدة (الحدّ الشرعي) إضافة لتغريمه بخمسة آلاف ريال وسجنه لمدّة شهرين استنادًا للفقرة الخامسة في المادة الثالثلة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ملاحظة: غالبًا ما يُدرء الحدّ الشرعي خاصةص مع غنكار القاذف وافتقار المدّعين للأدلّة التي توجب الحدّ الشرعي واكتفائم بحيازة قرائن فقط كالصور والماحدثات والتسجيلات وغيرها.
ولنجعل أحاديث وتعاليم ديننا الحنيف رادعًا عن تحقير الغير وقذفه. لأنّ هذه السلوكيّات لا تتوقّف عند كونها غير قانونيّة ومحرّمة شرعًا. لأنها قد تتركُ أذًى نفسيًا يصعب تجاوزه وتخلّف بغضًا يأبى أن يمحى من القلوب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول (ﷺ):
كُلُّ المُسلِمِ على المُسلِمِ حرامٌ. دَمُهُ ومالُهُ وعِرضُهُ.
رواهُ مسلم.
يتولّد عن جرم القذف إرهاق نفسي واجتماعي بين الناس، خاصةً أن مجموعةً من السلوكيات المنافية للشريعة وللأخلاق وللقانون تتضافر فيه في آنٍ واحدٍ. وقد حذّرنا دينُنا الحنيف من ارتكابِه بأحاديثَ نبويةً ونصوص قرآنيّة.
كما لم تغفل عنه القوانين في المملكة العربيّة السعودية خاصةً مع تزايد جرائم القذف الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استمدّت عقوبة القذف الصريح من نصّ الآية الرابعة من سورة النور، في قولِه تعالى:
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )
صدق الله العظيم
الآية رقم (٤)-سورة النور.
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.