فعل التخبيب واحد من القضايا الجنائية التي يكثر فيه الأخذ والرد للعديد من الأسباب، خاصة عندما يتعلق الأمر بإثبات التخبيب، إذ في كثير من الأحيان تكون دعوى التخبيب من منطق الاعتقاد وليس من منطق الجزم بحصول الفعل لأنه يصعب إثباته في كثير من الأحيان وتغيب الأدلة على وقوع الجريمة. في هذا الموضوع نجيب على التساؤل كيف أثبت التخبيب؟ وما الأدلة التي تقبلها المحكمة؟

كيف أثبت التخبيب؟

قبل محاولة إثبات التخبيب من الضروري معرفة معنى التخبيب بشكل صحيح كما سبق وعرفناه في موضوع سابق. وكنا ذكرنا إن التخبيب يقصد فيه محاولة طرف ثالث للتفريق بين الزوجين، والمحكمة تنظر في هذه الحالة فقط على أنها تخبيب، أما الحالات الأخرى التي لا يكون فيها محاولة للتفريق بين الزوجين فلا تعتبر تخبيب.

فعلى سبيل المثال علاقة الرجل بامرأة أخرى لا يعتبر تخبيب إذا لم تحاول هذه المرأة التفريق بين الرجل وزوجته بشكل واضح، وإنما تدخل ضمن العلاقات المحرمة فقط وليست قضية تخبيب.

كذلك الأمر بالنسبة للزوجة، علاقتها مع طرف آخر لا يعتبر تخبيب إلا إذا كان ذلك الطرف يسعى للتفريق بين الزوجة وزوجها بشكل واضح، أما الحديث العام عن المشاكل الزوجية مع الصديقات مثلًا أو الأخوات أو مع أمها لا يعتبر تخبيب إذا لم يكن هناك محاولة واضحة من أحد للتفريق بين الزوجة والزوج.

إثبات التخبيب

أما إثبات التخبيب فيتطلب وجود دليل واضح بيّن على وجود طرف ثالث يسعى لإفساد الحياة الزوجية، مثل هذه الأدلة تختلف من حالة لأخرى وتبعًا لتوفرها من عدمه.

وهنا من الضروري الإشارة إلى أن صور المحادثات النصية والرسائل لا تعتبر دليل كافي وإنما تنظر إليها المحكمة على أنها قرائن ولكنها ليست دليل كافي، إلا إذا أقر المدعى عليه بصحتها.

حلفان اليمين عادة من الأمور التي يأخذ بها في الحسبان من قبل المحكمة في هذه القضية، ولكن حلفان اليمين لا يعتبر دليل قائم بذاته وإنما يكون حلفان بداعي إثبات صحة كلام المدعي مثلًا أو لإثبات صحة دليل مقدم من عدمه.

• بشكل عام فإن أقوى دليل على إثبات التخبيب هو الإقرار من المدعى عليه، وفي حال لم يقر بذلك من تلقاء نفسه سيكون من الصعب إثبات التخبيب في الغالب.
• بعد الإقرار تأتي الشهادة من شخص مؤهل ليشهد على وجود التخبيب وحصوله من طرف آخر.
• وأخيرًا تأتي التوثيقات الإلكترونية من تسجيلات وصور محادثات ورسائل، وهذه كما ذكرنا أعلاه تعتبر قرائن وليست دلائل لوحدها، أي لا بد أن يقر المدعى عليه بصحتها حتى تقبلها المحكمة كدليل على إثبات التخبيب.

جريمة التخبيب

من النقاط الضروري معرفتها فيما يخص إثبات جريمة التخبيب هو وجود الركن المادي الذي تظهر به الجريمة، ويقصد به النتيجة التي ظهرت عن حصول التخبيب. أما في حال لم تحصل نتيجة عن فعل التخبيب وهي انفصال الزوجين فهنا الجريمة لم تحصل وبالتالي لن تنظر فيها المحكمة.

كذلك من الضروري وجود القصد الجنائي (أي أن يكون الفعل بقصد تطليق الزوجة من زوجها) حتى يعتبر الفعل جريمة يحاسب عليها القانون وبدون هذه الأركان لا يعتبر الفعل جريمة ولن تنظر فيه المحكمة.