تقدير أتعاب المحاماة أمر مهم للطرفين المحامي والعميل (الموكل) إذ من الضروري أن يعرف المحامي الآلية الصحيحة لتحديد أتعابه حتى يكون أجره صحيح فلا يبخس حق نفسه أو يغالي بزيادة عن السوق فيؤدي ذلك إلى عواقب سلبية على سمعته ومكانته في نظر العملاء.
وكذلك العميل من الضروري أن يعرف الآلية التي يحدد فيها المحامي مقدار تعبه فلا يتوقع دفع مبلغ أقل من اللازم ويبخس حق المحامي وفي ذات الوقت لا يتعرض للاستغلال من بعض المحامين في طلب أجر أكثر مما تستحق القضية.
في الحقيقة لا يوجد في السعودية نظام محدد واضح أو مرجعية يخضع لها أجر المحامي ومقدار أتعابه وإنما هي بحسب العادة والعرف في السوق بين المحامين، إذ يوجد عدة اعتبارات عادة ما يأخذها أي محامي بالحسبان عند حساب أتعابه وتقديرها عند العمل على قضية ما.
وعادة ما يتم الاتفاق بين الطرفين المحامي والعميل على صيغة معينة بخصوص الأتعاب، في غالب الأحوال تكون أجر أو مبلغ ثابت محدد يتفق عليه الطرفين مسبقًا قبل بدء العمل على القضية ويوثق ذلك بعقد مكتوب بين الطرفين، ويوضح في العقد كل التفاصيل اللازمة بما فيها آلية حصول المحامي على أتعابه هل يحصل على أجره قبل العمل أو على دفعات خلال الترافع أو يحصل عليه كامل بعد انتهاء القضية، يتفق الطرفين على ذلك بحسب ما يناسبهم.
أما بخصوص الاعتبارات التي عادة ما يأخذها المحامي بالحسبان عند تحديد مقدار اتعابه على القضية نتعرف عليها في السطور التالية.
من الضروري الإشارة هنا إلى هذه الاعتبارات هي ليست قوانين أو إجراءات محددة بشكل رسمي وإنما هي لا تتعدى كونها عرف شائع بين المحامين فقط، بالتالي المحامي ليس مجبرًا على الالتزام بها. لنتعرف الآن على هذه الاعتبارات:
وهذا أول وأهم اعتبار ينظر إليه المحامي تقدير أتعابه، فبعض القاضي تقتصر على الترافع في المحكمة فقط، وقضايا أخرى تحتاج مراجعة ومتابعة مع النيابة أو غيرها من الدوائر القضائية، بالتالي كل قضية تتطلب جهد مختلف عن الأخرى.
بعض القضايا تكون بسيطة ولا تتضمن الكثير من التعقيدات، تنتهي ويصدر فيها الحكم خلال شهرين أو أربعة مثلًا، وقضايا أخرى قد تحتاج إلى سنة وربما سنوات حتى يصدر الحكم فيها، هذا له دور أيضًا في المقابل الذي يطلبه المحامي.
مثلًا المحامي الذي يكون على خبرة كبيرة في موضوع القضية و قوانينها وإجراءاتها في المحاكم يكون أجره مختلف عن المحامي المستجد في هذا النوع من القضايا أو الذي أول مرة يعمل على قضية من هذا النوع.
كم يتقاضى المحامون الآخرون على العمل على قضية من هذا النوع في السوق، حتى لا يتم المبالغة في السعر من طرف المحامي أو بخس حق المحامي من طرف العميل.
أيضًا هذا يلعب دور في تقدير أتعاب المحامي، هل القضية تتطلب أكثر من شخص للعمل عليها، أم يكفي شخص واحد، هل القضية تحتاج محامي متمرس وخبير أم يمكن لمحامي متدرب أن يعمل عليها، هل القضية تحتاج لأكثر من محامي وفيها الكثير من التشعبات والتفاصيل وتحتاج دراسة لتفاصيل كثيرة.
بعض المحامين أحيانًا لا يفضلون العمل على نوع معين من القضايا، بالتالي يرفعون مقدار أتعابهم في حال عرض عليهم العمل عليها، وبعض المحامين يفضلون نوع معين من القضايا وبالتالي يخفضون بالسعر حتى يكسبون ود العميل وبالتالي العمل على القضية.
أيضًا أحيانًا عميل يفضل محامي معين لقضيته دونًا عن باقي المحامين وبالتالي يكون العميل يرغب في دفع مبلغ أكبر مقابل الحصول على المحامي هذا حتى لو كان السعر أعلى من السوق.
هل الحكم في هذه القضية سيؤثر على حياة العميل بشكل كلي مثلًا، أو يقتصر الأمر على خسارة مبلغ صغير من المال؟ كل حالة من هذه الحالات وغيرها تحدد الطريقة التي يجب فيها على المحامي التعامل مع القضية وبالتالي تؤثر على مقدار ما يستحقه المحامي من أتعاب.
أحيانًا بعض المحامين يهمهم بعض العملاء ويريدون كسبهم كعملاء دائمين لمكتبهم، مثل عميل صاحب شركة ويحتاج استشارات قانونية بشكل دائم، أو منظمة عليها الكثير من القضايا وتحتاج لوجود محامي لديها بشكل دائم، بالتالي يحاول المحامي هنا كسب العميل حتى لو على حساب اتعابه لأنه سيحصل منهم فائدة أكبر على المدى الطويل.
وهذا أمر أخر يهم المحامين لأنه أحيانًا بالتوكل عن قضايا معينة قد يحرمهم من إمكانية العمل على قضايا أخرى، كونه لا يمكن أن يكون المحامي وكيل عن المدعي والمدعى عليه مثلا.
بعض القضايا أحيانًا تؤثر على سمعة المحامي وقد لا يليق به العمل عليها، مثل القضايا التي تتضمن الدفاع عن مجرمين مثلًا.
هل أتعاب المحامي سيحصل عليها مقدمًا أو بعد انتهاء القضية، هي هل مشروطة بنجاح القضية، كل هذه الأمور وآلية تحصيل الأتعاب أيضًا تدخل في تحديد مقدار أتعاب المحامي.
إذا كان المحامي يقيم في مدينة مختلفة عن المدينة التي سيكون فيها الترافع يترتب على ذلك في الغالب أتعاب أكبر من لو كانت القضية في نفس مدينة المحامي، وذلك لتكاليف السفر وتعطل مصالح المحامي أثناء السفر.
بعض القضايا تنتهي بصدور الحكم فيها من المحكمة وبالتالي ينتهي عمل المحامي هنا، وقضايا أخرى تتطلب من المحامي العمل عليها حتى بعد صدور الحكم وذلك حتى تنفيذ الحكم من قبل محكمة التنفيذ أو أيًا كانت الجهة المطالبة بتنفيذ الحكم.
كل هذه الأمور تدخل في الحسبان عند تقدير أتعاب المحاماة وحساب مستحقاته، وطبعًا كما ذكرنا في بداية الموضوع الأمر في النهاية يرجع لاتفاق الطرفين المحامي وموكله، والاعتبارات هذه ليست ملزمة لأي طرف كان لأنه كما قلنا هو عرف شائع بين المحامين ليس إلا، بالتالي قد يعتبرها الطرفين عند تقدير الأتعاب أو ولا يعتبرونها.
الأمر وارد دائمًا لحصول خلافات بين المحامي والعميل، سواء على موضوع تقدير الأتعاب وغير ذلك من التفاصيل، وعند حصول مثل هذه الخلافات وتعذر الاتفاق أو الصلح وديًا يتعين عليهم اللجوء للمحكمة لحل الإشكال.
إذا يمكن للعميل أو المحامي رفع دعوى ضد الطرف الثاني تكون “دعوى أتعاب محامين أو وكلاء” وترفع هذه الدعوى للمحكمة التي كانت تنظر في الدعوى الأصلية موضوع الخلاف، سواء كانت المحكمة العامة أو محكمة الأحوال.
كنا شرحنا إجراءات وتفاصيل دعوى أتعاب المحاماة في موضوع منفصل يمكن الرجوع للمقال لمعرفة كل تفاصيل هذه الدعوى.
يمكن في بعض الحالات تحميل الخصم أتعاب المحاماة، ولكن هذا يكون بشروط وظروف محددة تستلزم رفع دعوى أو تقديم طلب عارض على القضية ذاتها المرفوعة بين الخصمين، وبناءً على التفاصيل يمكن للمحكمة أن توافق أو ترفض الطلب بتحميل الخصم أتعاب المحاماة.
تحدثنا في مقال سابق عن الشروط التي يجب توافرها في الحالة حتى توافق المحكمة على تحميل الخصم أتعاب المحاماة، يمكن الرجوع لموضوع التعويض عن أضرار التقاضي لمعرفة الشروط والتفاصيل لهذه المطالبة.
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.