استهدفَ نظام مكافحة المخدّرات والمؤثرات العقلية في أحكامِه جرائمَ الحيازة بأنواعها، منظمًا لها عقوباتٍ تتناسب مع كلّ نوع على حدى، مراعيًا في شدّة العقوبة ومقدارها خطورةَ وتأثيرَ طبيعةَ وقصدَ الحيازة، هل هي بقصد التعاطي؟ أو الترويج؟ أم أنها حيازةٌ مجرّدة؟.
يمكننا، ومن خلال أحكام النظام، أن نرى جليًا كيف راعى المشرّع ظروف المتعاطي، مشرّعًا عدة أحكامٍ لمساعدته وإصلاحِه عوضًا عن تجريمِه وإيلامه، فقد أخذ بحسبانِه إمكانيّة التخفيف والإعفاء، بل ومكّن القضاء من إحالة المتعاطي (المدمن) للمصحّات العلاجية.
لكن هل يعقل أن يتساهل النظام مع تكرار التعاطي؟ بالطبع لا، فكلّ أحكامِ التخفيف والإعفاء إضافةً للإيداع في المصحّات، جاءت ضمن شروطٍ محدّدة سواءً بالنسبة للجرم أو لشخص المتعاطي.
في تدوينتنا هذه، نوضّح لكم عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي، مبرزين أهم الفروقات بين أنواع الحيازة وما يترتّب على كلّ نوعٍ من العقوبات. كما يمكنك مراجعة تدوينتنا حول عقوبة تعاطي الحشيش في السعودية للأجانب
قبل ذكر عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي، علينا أولًا أن نفرّق بين أنواع الحيازة، باعتبارها ليست جريمةً واحدةً مطلقة، إنّما هي على درجاتٍ من الخطورةِ، مما يعني اختلاف العقوبة بالنسبة لكلّ جريمةٍ منها.
يعدّ “القصدُ الجرميّ” جوهرَ التمييز بين جرائم حيازة المخدّرات، وحجرَ الأساس الذي يبني عليه القضاء الأحكام بالشكل الذي يتناسب مع ظروف الجريمة أيضًا، وبناءً على ذلك، هنالك ثلاثةُ أنواع من حيازة المخدرات.
إذا أردنا ترتيب جرائم الحيازة من الأشدّ خطورةً، سنجدُ جرمَ الحيازة بقصد الاتّجار يتربّع المركز الأول مع جرم الحيازة بقصد الترويج، ومن ثم يأتي جرم الحيازة بقصد التعاطي(الاستعمال الشخصي)، وهو الأقلّ خطورةً بينها.
وإذ ما تمعّنا بالعقوبات المقررةِ في نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية لكلّ من الجرائم المذكورةِ، يمكن لنا ملاحظةُ الفرق في شدّة ونوعِ العقوبة، فإن عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي أخفّ بكثير من عقوبة حيازتها بقصد الاتّجار أو الترويج.
وبذلك، نكون قد بيّنا لكم أنواع جرم حيازة المخدرات و أساس التمييز بينها، لنورد الآن عقوبة كلّ منها كما جاءت في نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
وفقًا للمادة الحادية والأربعين من نظام مكافحة المخدّرات والمؤثرات العقليّة، فإن عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي:
السجن بما لا يقلّ عن ستة أشهر، ولا يزيد عن سنتين
الفقرة (1) المادة (41) نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
تضاف إلى هذه العقوبة الأصليّة، عقوبة تكميلية بحقّ المواطنين السعوديين، تختلف فيما إذا كان المتعاطي أجنبيًّا، وهي:
المنع من السفر خارج المملكة بعد انتهاء تنفيذ عقوبة السجن المحكوم بها عليه، مدةً مماثلةً لعقوبة السجن، على ألا تقل مدّة المنع عن سنتين، ويجوز لوزير الداخلية الإذنُ بالسفر للضرورة.
المادة (56) نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية.
علمًا أن عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي، تشدّد في هاتين الحالتين:
في المقابل، يجوز للقاضي مستندًا للمادة(60) من نفس النظام، أن ينزل عن الحدّ الأدنى من مدة السجن المذكورة في العقوبة، إذ ما ظهر له أن المتّهم لن يعود للتعاطي، وإذ ما رأى أسبابًا موجبةً لذلك، مثل سنّ المحكوم، ظروفه النفسيّة، حالته الاجتماعية وغيرها من الأسباب المخفّفة، بشرط.
أيضًا، استنادًا للمادة (42) يمكن وقف قيام الدعوى في حال تقدّم المتعاطي بنفسه أو أحد أصوله أو فروعه أو زوجه أو أحد أقاربه بطلب علاجِه، وقد اشترط النظام في هذه الجزئية تسليمَ المتعاطي كلَّ ما في حوذتِه من المخدّرات أو الإرشادَ إلى مكانِها.
إضافةً إلى هتين المادّتين، يمكن وبطلبٍ من القاضي، إيداعُ المدمن في مصحّةٍ علاجيّةٍ لتلقّي العلاج من المخدرات عوضًا عن إنزال العقوبة به، وهذا ما نجده في نصّ المادة (43) من النظام.
شدّد المشرّع من حجم ونوع العقوبةِ في جرم الحيازة بقصد الترويج أو الاتجار مقارنةً مع عقوبة حيازة المخدرات بقصد التعاطي، إذ لا مجال للمقارنة بين المتعاطي والتاجر أو المروّج، فضررُ الأوّل يقتصرُ على حدودٍ ضيّقة مقارنة بالضرر الذي يخلّفه من يروّج أو يتاجر.
أورد المشرّع عقوبةَ الحيازة بقصد الاتجار أو الترويج في أحكام المادة (38) من نظام مكافحة المخدّرات، ثمّ شدّد منها أيضًا في الفقرة الثانية من نفس المادة، فكانت العقوبة:
السجن مدةً لا تقلّ عن خمس سنوات ولا تزيد عن خمسة عشر عامًا، مع تغريم المحكوم غرامة مالية تبدأ من ألف ريال ولا تزيد عن خمسين ألف ريال، يضاف لهذه العقوبات الجلدُ بما لا يزيد عن خمسين جلدةٍ في كلّ مرّة
الفقرة (1) المادة (38) نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية
أكمل المشرّع نصّ المادة (38) في الفقرة الثانية، مبيّنًا الحالات التي تشدد بها العقوبة المذكورة أعلاه، وهذه الحالات هي:
المصادر: نظام مكافحة المخدرات، اللائحة التنفيذية للنظام.
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.