الاستقالة في نظام العمل، إحدى أبرز المسائل التي تلقى بحثًا واستفساراتٍ لا متناهية من قبل أصحاب العمل والعمّال على حدٍّ سواء، والتي لا يعدّ فهم أحكامِها وتفاصيلها مجرّد اطّلاعٍ عابرٍ من باب التثقيف القانونيّ، بل إنّه حاجة مُلحّة تضمنُ البقاء بمعزلٍ عن أيّة أضرار محتملة.
ومن الطبيعي، أنّ مسألةً بهذا القدر من الأهميّة تتضمّن أحكامًا وتفاصيل عديدة ومتشعّبة تتطلّب شرحًا موجزًا ومبسّطًا لها، وهذا تمامًا ما سنقدّمه لكم في تدوينتنا، التي سنغطّي فيها أهمّ الموضوعات ذات الصلة بالاستِقَالة في نـِظـام العـمـل الّسعودي، مثل مدّة قبولها، أسبابِها، ترك العـمـل دون استِـقالة، الفروقات بينها وبين الفسخ وعدم تجديد العـقـد.. وغير ذلك من المحاور.
يصنّف عقد العمل ضمن العقود الرضائيّة، أي أنّه ينعقدُ برضا أطرافِه وينحلّ أو ينتهي برضا الأطراف كذلك الأمر، ويمكن أن يكون الإنهاء من جهة العامل فيسمّى استِقالةً، والاستقالة في نظام العمل السعودي هي إحدى الأسباب المشروعة لإنهاء العقد.
لكن، متى تكون الاستقالة مشروعة؟
استنادًا إلى أحكام المادة 74 من نظام العمل، تكون الاستِقالةُ مشروعة إذا تمّت باتفاق الأطراف في العقود محدّدة المدّة.
وحسب المادة 75 من نظام العمل، في العقود غير محدّدة المدّة، يمكن وبناءً على إرادة العامل الاستقالة بشرط أن تكون الأسباب مشروعة، وأن يتمّ إشعار ربّ العمل كتابيًّا، قبل 60 يوم إذا كان أجر العامل يدفع شهريًّا، و 30 يوم إذا كان أجره يوميًّا أو غير ذلك.
بالنسبة إلى مدة قبول الاستقالة، يجب أن تقبل خلال 30 يوم من تاريخ تقديمها، على أن يدفع صاحب العمل للعامل كامل مستحقّاته ويقوم بتصفية حساباتِه وماعليه من التزامات خلال 15 يوم من تاريخ قبولها.
ونتيجةً لكونها استقالة مشروعة: فإنّه لا يلزم العامل بتعويض لربّ العمل، بينما يستحقّ العامل مكافأة نهاية الخدمة إذا أمضى سنتين في خدمة المنشأة كحد أدنى، ويختلف مقدارها كما يلي:
هذا فيما يخص الاستقالة المشروعة في نظام العمل. والسؤال الآن، ماذا لو كانت الاستقالة غير مشروعة؟ ماذا يترتّب عليها من آثار؟
نكون أمام استقالة غير مشروعة في نظام العمل، عندما يترك العاملُ المنشأة بإرادته المنفردة بدون موافقة صاحب العمل، وبدون اسباب مشروعة لترك العـمل.
ويترتّب على كونها اسـتـقالة غير مشروعة استنادًا لأحكام المادة 77 من نظام العمل: حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة، و إلزامه بتعويض ربّ العمل عن الضرر، هذا التعويض يختلف فيما إذا كان العقد محدد المدّة أم غير محدد.
في العقود المحدّدة المدّة: يُلزم العامل بتعويض ربّ العمل إمّا بالمبلغ المتّفق عليه إن وُجد، أو بأجرة المدّة المتبقيّة من العقد، دون أن يقل مجمل التعويض عن أجرة شهرين كاملين.
في العقود غير محدّدة المدّة: يُلزم العامل بتعويض ربّ العمل إما بالمبلغ المتّفق عليه إن وُجد، أو بأجرة 15 يوم عن كل سنة من سنوات الخدمة، دون أن يقل مجمل التعويض عن أجرة شهرين كاملين.
ولأنّ أحكام الاستقالة غنيّة بالتفاصيل، هنالك مجموعة من الفروقات يجبُ أن نوضّحها لكم تباعًا، وهي:
تكون الاستقالة بموافقة ربّ العمل، بينما يتم الفسخ بإرادة العامل المنفردة دون موافقة ربّ العمل، وهذا الفسخ إما أن يكون مشروع أو غير مشروع (استقالة غير مشروعة).
ويمكننا أن نبيّن الفرق بين الاستقالة في نظام العمل والفسخ من حيث:
لا يعدّ عدم تجديد العقد من قِبل العامل استقالة في نظام العمل، بل هو طريق من طرق إنهاء العقد بشكلٍ مشروع كما هو مبيّن نظامًا، إذ يجوز أن ينتهي العقد بسبب رغبة الـعامل بعدم التجديد، بشرط التقيد بمهلة الإشعار، وفي حال عدم التقيّد بها، كان لصاحب العـمل التمسّك بتجديد العقد.
ويظهر الفرق بين عدم تجديد العقد والاسـتـقالة، في استحقاق مكافأة نهاية الخدمة للعامل.
عندما ينتهي العقد لعدم التجديد: يستحقّ العامل مكافأة نهاية الخدمة حتى وإن لم يكمل سنتين متتاليتين في خدمة المنشأة، وتحتسب له المكافأة بأجرة 15 يوم عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى، وأجرة شهر (30 يوم) عن كل سنة من السنوات الخمس التالية.
عندما ينتهي العقد بسبب (الاستقالة المشروعة): يتسحقّ العامل مكافأة نهاية الخدمة إذا أكمل سنتين متتاليتين في المنشأة على الأقل، حينها يستحقّ ثلث المكافأة، وإذا زادت خدمته عن خمس سنوات متتالية يستحق الثلثين، ويستحقّها كاملةً إذا زادت الخدمة عن عشر سنوات متتالية.
انقضاء العقد بسبب (الاستقالة غير المشروعة): لا يستحقّ العامل مكافأة نهاية الخدمة مطلقًا.
الآن وبعد أن بيّنا الفروقات المتعلقة بالاستقالة في نظام العمل، لا يزال لدينا تساؤل، ماذا لو استقال العامل أثناء فترة التجربة؟
كنا قد وضّحنا مسبقًا ضمن شرح المادة 53 من نظام العمل، أنّ المشرّع حدّد فترة التجربة بثلاثة شهور (90 يوم) مشيرًا أنه يجوز تمديدها استثناءً إلى ستّة أشهر (180 يوم) وذلك باتفاق مكتوب منفصلٍ عن الاتفاق الأول، وبعد تنفيذ الفترة الاولى وانقضائها، وذكرنا، أنّه يحقّ لطرفي العقد إنهاءه خلال فترة التجربة، مالم يتضمّن العقد بندًا يمنح حقّ الإنهاء لأحدهما.
فإذا تقدّم العامل أو الموظّف باستقالة خلال فترة التجربة النظاميّة، فإنّه لا يستحقّ مكافأة نهاية الخدمة أو تعويضًا، في حين أنّه يستحقّ فقط الأجور التي لم تُدفع إن وُجدت، أيضًا يمكنه طلب شهادة نهاية الخدمة من المنشأة.
من خلال منصّة قوى، يمكن للعامل أو الموظّف إنهاء العلاقة التعاقديّة مع المنشأة التي يعمل معها، لعدّة أسباب من ضمنها الاستقالة، وذلك باتّباع الإجراءات التالية:
هذا كل ما يخص الاستقالة في نظام العمل، ولم ننس أن نزوّد تدوينتنا بنموذج طلب استقالة، يمكنكم الاطلاع عليه من هنا.
المصدر: نظام العمل السعودي.
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.