يستمرّ بالغياب يومًا بعد يوم، ظنًّا منه أنه “طبيعي” ولن يرتّب عليه شيء.. وسرعان ما يُفاجئ بـ عقوبة متغيب عن العمل تلوّح بانتظارِه، لا مهرب منها!..وآخرٌ، ما إن يغيب يومًا، حتى يظنّ أن كارثةً لا مجرّد عقوبة، سينتهي بها حاضره ومستقبله المهنيّ معًا!

والسبب ببساطة، أنّه كلاهما -سواء المستهتر أو المُبالغ بخوفِه- لا يعرف عن العقوبةِ شيء سوى قدرِها، مع بعض المعلومات غير الدقيقة، هذا في أحسن الأحوال.. ولا يدرك حتى متى يعدّ متغيّبًا، ولا الفرق بين التأخير، التغيّب والهروب، فيوقع نفسه بمتاهات لا حصر لها، بسبب افقتقار معرفتِه عنها.

والآن، تقرأ أنت هذه التدوينة لأنّك تريد معرفة عقوبةِ المتغيّب عن الَعمل، ونحن سنخبرك عنها طبعًا، لكن ولنكون صريحين معك، فهذا ليس كافٍ.. لماذا؟

لأنّه كما ذكرنا أعلاه، معرفة العقوبة دون الطريق المؤدية إليها، لن يكون مفيدًا مطلقًا، ثمّ إنّنا في منصّة ميازين، لا نكتفِ بالإجابات السطحيّة غير المفيدة لقرّائنا، إنما نعمل جاهدين أن تكون وافيةً، نافِعةً ومُتكاملة من كلّ الزوايا والتفاصيل التي أخذناها بعين الاعتبار وجمّعناها لك في -تدوينة واحدة يسهل الرجوع إليها-.

قبل كلّ شيء، سنبدأ مباشرةً بالإجابة عن استفسارك المهمّ -لك ولنا- الذي جئت تدوينَتنا بسببه، ألا وهو:

ما هي عقوبة متغيب عن العمل؟

بالطبع، إنّها ليست واحدة لجميع الحالات، التي تختلف بلا شك، وكل حالة أيضًا تتباين العقوباتُ بها حسب نوع التكرار (أول، ثانٍ، ثالث، رابع). لذلك، اقرأ الحالات جيّدًا لتعرف أيّها تنطبق عليك.

إذًا، بحسب حالة “التغيّب” تنقسم العقوبات إلى:

الحالة الأولى: (التغيب بدون إذن كتابي أو عذر مقبول -يوم واحد- في السنة التعاقديّة الواحدة)

• المرّة الأولى: يُحسم من المُتغيّب أجرةَ يومين كاملين.
• المرّة الثانية: يُحسم من المُتغيّب أجرةَ ثلاثة أيام كاملة.
• المرة الثالة: يُحسم من المتغيّب أجرة أربعة أيامٍ.
• المرة الرابعة: الحرمان من الترقيات أو العلاوات مرّةً واحدة.

الحالة الثانية: (التغيب المتّصل دون إذن كتابي أو عذر مقبول من يومَين إلى ستة أيام خلال السنة التعاقدية الواحدة)

• المرّة الأولى: تكون عقوبة متغيب عن العمل حسمُ أجرةَ يومين كاملين + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرّة الثانية: يُحسم من المُتغيّب أجرةَ ثلاثة أيام كاملة + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرة الثالة: يُحسم من المتغيّب أجرة أربعة أيامٍ + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرة الرابعة: الحرمان من الترقيات أو العلاوات مرّةً واحدة + حسم أجر مدّة الغياب.

الحالة الثالثة لـ عقوبة متغيب عن العمل: (التغيّب المتّصل دون إذن كتابي أو عذر مقبول من 7 إلى 10 أيام خلال السنة التعاقدية الواحدة)

• المرّة الأولى: يُحسم من المُتغيّب أجرةَ أربعة أيامٍ كاملة + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرّة الثانية: يُحسم من المُتغيّب أجرةَ خمسة أيام كاملة + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرة الثالة: الحرمان من الترقيات أو العلاوات مرّةً واحدة + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرة الرابعة: يُفصل العامل أو الموظف من الخدمة، مع منحه مكافأة خدمة بشرط ألا يتجاوز مجموع غيابه 30 يوم خلال السنة التعاقدية، + يحسم منه أجر مدّة الغياب.

الحالة الرابعة: ( التغيّب المتّصل دون إذن كتابي أو عذر مقبول من 11 إلى 14 يوم خلال السنة التعاقدية)

• المرّة الأولى: يُحسم من المُتغيّب أجرةَ خمسة أيامٍ كاملة + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرّة الثانية: حرمان من الترقيات أو العلاوات مرّةً واحدة مع توجيه إنذار بالفصل + حسم أجر مدّة الغياب.
• المرة الثالة: فصل + حسم أجر مدّة الغياب.

باالمناسبة، يترتّب على الفصل بموجب المادة 80، حرمانُك من مكافأة نهاية الخدمة والتعويض، كما لن يوجّه إليك صاحب العمل إشعارًا قبل فصلك، لأنّك تغيّبت كل هذه المدة -غير مهتمٍ- بل ومخالفًا.

إن أردت معرفة كلّ العواقب التي تنتظرك -لا قدّر الله- إن فُصلت بهذه الطريقة، ارجِع إذًا إلى تدوينتنا: لماذا يعدّ الفصل بموجب المادة 80 من نظام العمل كارثة حقيقيّة؟، ولا بأس إن شاركتها مع غيرك لتذكيرهم.

ملاحظة: الحالات الأربع أعلاه هي حالات التغيّب، أما الحالتان التاليتان هما الانقطاع الذي يمكّن صاحب العمل من تقديم بلاغ الانقطاع، الذي كان يعرف سابقًا قبل اكتوبر 2022، ببلاغ التغيب.

الحالة الخامسة لـ عقوبة متغيب عن العمل: (الانقطاع دون سبب مشروع لأكثر من 15 يوم متّصلة خلال السنة التعاقديّة الواحدة)

هنا، لا يوجد تكرارات، فمجرّد الغياب مدّة 15 يوم متصلة، ولو مرّةً واحدة، كافٍ لأن تصل العقوبة إلى:

الفصل من العمل بدون مكافأة أو تعويض أو حتى إشعار، لكن يشترط أن يتوجّه إليك صاحب العمل بإنذار كتابي، بعد 10 أيام من غيابك، لكي يتمكّن من إيقاع العقوبة المذكورة، حسب أحكام فسخ العقد بموجب المادة 80 من نظام العمل.

كما بإمكان صاحب العمل تقديم بلاغ “انقطاع عن العمل”.

الحالة السادسة: (الغياب المتقطّع دون سبب مشروع مدّة تزيد عن 30 يوم خلال السنة التعاقدية الواحدة)

أيضًا، تكون العقوبة حادّةً هنا، ألا وهي:

الفصل بموجب المادة 80، بدون مكافأة، تعويض أو إنذار، لكن بشرط أن يوجّه لك صاحب العمل إنذارًا كتابيًّا بعد 20 يومٍ -متقطّعة- من الغياب، إضافةً لتقديم صاحب العمل أو من ينوب عنه بلاغ انقطاع عن العمل في مواجهة العامل.

ملاحظات مهمّة بالنسبة لـ عقوبة متغيب عن العمل:

1. تبدأ السنة العقديّة تاريخ إبرام العقد مع المنشأة.
2. بالنسبة إلى العقوبة الإضافيّة وهي “حسم أجرة أيام الغياب” فإذا غاب العامل مثلًا للمرة الأولى يومين، يُعاقب بحسم أربعة أيام، أي العقوبة المقررة + أجرة الأيام.
3. انتبه جيّدًا لمصطلحيّ: (دون إذن كتابي) + (دون عذر مشروع) لأنّ كلّ حالات التغيّب أعلاه، لا تشمل من يتغيّب بعد أخذ إذن كتابيّ أو بمبرر مشروع يثبته للمنشأة.. إنما فقط أولئك الذين لا يراعون هذين الأمرين، مُسبّبين بذلك ضررًا جسيمًا لهم قبل المنشأة حتى.
4. كلّ هذه العقوبات لا تطبّق إلا على المتغيّب، مما يعني أنّك يجب أن تفهم جيّدًا: متى تكون متغيّبًا لتنطبق عليك الحالات المذكورة أعلاه؟

إجابةً على ذلك، يجب أن نوضّح:

الفرق بين (التغيب، التأخير والهروب)

من ناحية المفاهيم:

التأخير، لا يعدّ غيابًا كاملًا إنّما جزئيًّا فقط، يوقع عقوبات مختلفة عن التي ذكرناها أعلاه، من حيث كونها أخفّ منها.. أما بالنسبة للتغيّب والهروب، فكلاهما يعدّ غيابًا كاملًا لكن الفرق:

أنّ كلّ ما هو أقل من 15 يوم، يعدّ (تغيّبًا)، ولا يوجد عليه بلاغ إنما فقط الجزاءات الموضحة أعلاه.

في حين أنّ 15 يوم فأكثر دون مبرر أو إذن، يعدّ (هروبًا) يسمح لصاحب العمل تقديم بلاغ ضدّ العامل، هذا البلاغ يسمّى الآن بلاغ انقطاع، وليس بلاغ هروب أو تغيب كما كان قبل أوكتوبر 2022، حيث طرأت عليه مجموعة تغييرات بإمكانك التشييك عليها من خلال دليلنا المجاني المتكامل حول بلاغ تغيب عن العمل في النظام الجديد

وأخيرًا، ألاحظت كيف أنّ الإجابة ليست موحدة؟ ومن الآن، من يجيبك باختصار أنّ عقوبة التغيب عن العمل موحّدة، أعد التفكير بإجابته مجدّدًا بل وبسؤاله مرة ثانية حتى.

جاء دورُك: هل وجدت هذه التدوينة مفيدة؟ مجيبةً استفساراتك؟. إن وجدتها كذلك، لا تبخل على غيرك ممّن يهمّة الأمر، وشاركه الفائدة!