سيّدة تسأل: هجرني زوجي منذ أكثر من ستّة شهور، فماذا أفعل في هذه الحال؟ أأرفع دعوى فسخ النّكاح أم أن هجر الزوجة يعتبر طلاقًا أصلًا؟ وتسأل سيدة فاضلة: زوجي غائب عن البيت منذ أربعة شهور، فلا يسأل عني ولا يرسل نفقة أولاده. فما هو الحلّ في هذه المسألة؟
وقد قررنا تخصيص التدوينة للإجابة على هذه الاسئلة وما شابهها.
إذا هجر الزّوج زوجته في الفراش، وترك جماعها إضرارًا بها، بلا يمين أو عذر شرعيّ، فقد قاسه الفقهاء على المُولِي (والإيلاء في الفقه هو حلف الزّوج بالله تعالى على ترك وطء زوجته في قُبلها أكثر من أربعة أشهر). والذي يكون الطلاق فيه واجبًا.
ويعتبر من تَرك وطءَ زوجته، وهجرها في الفراش من غير حلف أو عذر شرعيّ؛ كالنّشوز مثلًا لقوله تعالى: {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبوهنَّ} [النساء: 34] – آثمًا شرعًا. في هذه الحالة، يمهله القاضي مدّة أربعة شهور إمّا أن يجامعها ويعاشرها بالمعروف أو يأمره بتطليقها، فإن أبى الزّوج ذلك حكم لها بفسخ النّكاح.
وبهذا يتبين أنّ هجر الزوجة عند الفقهاء يعتبر -فيما سيؤول إليه- فسخا لا طلاقا، لأنّ الفسخ بيد القاضي هو من يتولّى النّظر في القضيّة باعتماد القرائن التي تميّز الهجر الشّرعيّ من غيره.
نصّت المادّة الثّالثة عشرة بعد المائة من نظام الأحوال الشّخصية أنّ المحكمة تفسخ عقد الزّواج بناءً على طلب الزّوجة في حالة ما إذا امتنع الزّوج جماع زوجته في مدّة تزيد على أربعة أشهر بلا عذر شرعيّ، ويتفق ذلك مع أقوال الفقهاء في مسألة هجر الزوج لزوجته في الفراش قياسا على المولي.
وتضيف المادّة التي تليها مسألة غياب الزّوج عن موطنه أو محلّ إقامته رفقة زوجته -من غير عذر العمل- لمدّة لا تقلّ عن أربعة أشهر، فعندئذ للزّوجة الحقّ في طلب فسخ الزّواج (ولو كان له مال يمكن استيفاء النفقة منه). علما أنّه لا يحكم لها في هذه الحالة بالفسخ إلا بعد إنذاره بالرّجوع إلى الإقامة مع زوجته، أو أن ينقلها عنده في محلّه الجديد الذي انتقل إليه، أو يطلّقها.
فإن رفض هذا كلّه يحكم لها بالفسخ بعد انتهاء مهلة الإنذار المقرّرة في أجل لا يزيد عن 180 يوما من تاريخ الإنذار.
ويفهم من هذا أنّ نظام الأحوال الشّخصية اعتبر هجر الزّوجة فسخا تطبّق عليه أحكام الفسخ، وذلك إن تعذّر إجبار الضّرر، ورفض الزّوج التّطليق، فهو ينتهي بالفسخ إن تحقّق شروطه وزالت موانعه، والله الموفّق.
انضم لأكثر من 3،500 مشترك
يستفيدون من منشورات توعوية نرسلها
لهم اسبوعياً عبر البريد الإلكتروني
هي مبادرة تهدف الى زيادة الوعي القانوني لدى الأفراد، عبر نشر مقالات تثقيفية تشرح الإجراءات القانونية في السعودية.
جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.
