شعار ميازين - Miazeen Logo

هل يحقّ للزوجة طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية؟

هل يحقّ للزوجة  طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية؟

قد تحدث بين الزّوجين مشاكل تحول دون استمرار الحياة الزّوجة الطّبيعية المبنيّة على المودّة، والرّحمة، والإلفة، والتّفاهم، فتكثر بينهما الخلافات، والنّزاعات، ويسود الشّقاق والنّزاع، ويقع الضّرر النفسي، فتنعدم الرّاحة النّفسية. وحديثنا في هذا المقال عن الضرر النّفسي الحاصل للزوجة جرّاء زواجها، إذ قد تحدث أسباب تؤدّي إلى نفورها من زوجها، فيحصل لها إثر ذلك أذى نفسي يعوقها عن الاستمرار في العلاقة الزوجية.
وهنا قد تتسائل الكثير من النّساء: هل يحقّ للزوجة طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية؟ وما حكم الشّرع في ذلك؟ وما الإجراءات القانونية التي ستسلكها للحصول على الفراق؟

أسباب الضرر النفسي

قد تكره المرأة زوجها لخَلْقِه، كأن يكون قبيحا أو ذميما، أو لخُلقِه، كأن يكون متعجرفا، قاسيا ذا خلق سيّء، يشتمها أو يسبّ والديها، أو يسيء معاملتها وعشرتها، أو لكِبَرِه كأن يكون شيخا هرِما لا تحصل معه المؤانسة، ولا يقوم بحقوقها الزوجية، أو لضعفه.

ونحو ذلك من العلل التي تلحق بها الضّرر النفسي، وتشعرها بعدم الرّاحة معه، فتخشى بسبب ذلك أن لا تقيم حقوق الله تعالى تجاهه، وأن تعصيه في معروف، فتأثم بذلك إن بقيت معه تحت عصمته.

الحكم الشّرعي في طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية

يجوز للمرأة أن تطلب الطّلاق من زوجها أو أن تخالعه إن كرهت العيش معه، وحصل لها بذلك ضرر نفسي لسبب من الأسباب المقبولة، حيث وجدت من نفسها عدم الرّغبة فيه، وفي الاستمرار معه، مصداقا لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}.

ومن السّنة قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاريّ: أنّ امرأة ثابت بن قيس جاءت إليه عليه الصّلاة والسّلام، فقالت: “يا رسول الله، ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق، إلا أني أخاف الكفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردّين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فردّتها عليه، وأمره ففارقها”.

ومعنى الكفر في الحديث: كفران العشير، وهو عصيان الزّوج في المعروف، فلا بأس أن يفارقها أو تختلع منه ما دام حصل هنالك بأس، ووجدت أسبابٌ مقنعة لمفارقته، حيث أمرها النّبي صلّى الله عليه وسلم بأن تردّ عليه مهرَه، الذي هو حديقته.

فالحكم الشّرعي إما أن يطلقها الزوج أو تختلع منه مقابل أن تردّ عليه الصّداق أو ما اتّفقا عليه مقابل ذلك.

والمعيار في ذلك أنّ كلّ عيب ينفّر أحد الزّوجين من الآخر فهو سبب موجب للفسخ.

الآثار القانونية لطب الطلاق لعدم الراحة النفسية

الآثار القانونية التي نصّ عليها نظام الأحوال الشّخصية في حالة إذا ما حصل ضرر نفسي للمرأة، وأرادت معه الفراق والانفصال عن زوجها، هو الخلع، ومعناه: أن يفترق الزّوجان بطلب من الزّوجة وموافقة من الزّوج مقابل عوض تؤدّيه الزّوجة أو غيرها للزّوج.

ويصحّ هذا الخلع قانونا إن كان بتراضي الزوجين كاملي الأهليّة من غير حاجة إلى حكم قضائيّ.

وتبين منه الزوجة بينونة صغرى، ولا يعدّ الخلع من التّطليقات الثلاث، كما أنه يقع ولو بلفظ الطلاق، ويعتبر فسخا لعقد الزّواج.

كما أنّه يصحّ الخلع في أيّ حالة كانت عليها المرأة، سواء كانت حائضا أم نفساء أم طاهرة في طهر جامعها زوجها فيه، لأنّ العلّة في ذلك هي إزالة الضّرر الذي لحقها في الزّواج مع من تكره، فكان الحكمة في ذلك أنّ هذا الضّرر أعظم من ضرر طول العدة فزال، لقاعدة: “الضّرر يزال”.

ولا يقع الخلع قانونا إن كان بغير عوض، فلا بدّ من عوض في الخلع، وإلا اعتبر طلاقا تسري عليه أحكام الطلاق.

ماذا تفعل الزوجة في حال رفض الزوج طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية؟

قد تتعرّض المرأة لضرر نفسيّ ترغب معه في طلب الطلاق لعدم الراحة النفسية، ويسمّى طلبها – ما لم تتّفق مع الزوج، وتكون الفرقة بينهما خلعا بأن تردّ إليه الصّداق – فسخا، والفسخ يكون بيد المحكمة لأنّه يحتاج إلى اجتهاد قضائي ينظر فيه إلى القرائن والبينة.

وفي حالة ما إذا رفض الزّوج الطّلاق ينظر القاضي في السّبب الذي طلبت من أجله الزوجة ذلك، شرط أن يكون سببها مقنعا أمام القاضي، وأن يكون الضّرر ثابتا كثبوته بشهادة الشهود أو بالخبرة الطبية أو ما يجري مجرى ذلك.

وتحكم المحكمة بفسخ الزواج كما ورد في نظام الأحوال الشّخصية في المادة (112): رغم امتناع الزوج عن طلاقها أو مخالعتها، وقد أعادت عليه مهره، وتعذّرت محاولات الصّلح بينهما، ما دامت أنّها مصرّة على الطلاق.

المصادر

  1. المغني لابن قدامة لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ)، الناشر: مكتبة القاهرة، تاريخ النشر: 1388هـ – 1968م، الجزء السّابع، 7/323 – 325.
  2. نظام الأحوال الشخصية – من موقع هيئة الخبراء
Avatar for أيوب بلبل

أيوب بلبل

أيّوب بلبل كاتب ومدقّق لغويّ مستقلّ، حاصل على شهادة الماجستير من دار الحديث الحسنيّة

شارك

الثقافة القانونية في متناول الجميع

تصفّح الدليل المجاني لإجراءات القضايا
مبادرة تثقيفية لكتابة مقالات تشرح خطوات القضايا والاجراءات القانونية في السعودية

إخلاء مسؤولية:

جميع المقالات في هذا المدونة تم نشرها بأسلوب بسيط وسهل لرفع الوعي القانوني، ولا تعد بأي شكل من الاشكال استشارة قانونية، ننصح القارئ بطلب استشارة قانونية مفصلة من قانوني مختص. يشكل استخدامك لهذا الموقع قبولاً لشروط الاستخدام ، والشروط التكميلية ، وسياسة الخصوصية.

كل الحقوق محفوظة © 2023 - منصة ميازين

  • تابعنا على